في كل عام من نوفمبر يفتح معرض الشارقة للكتاب أبوابه للجميع, خصيصًا لمن يكون الكتاب هو صديقهم الأوفى. حيث يوفرون لهم الآلاف, بل الملايين من الكتب التي لا تقدر بثمن من حيث القيمة الأدبية والمعنوية. للكلمة أثر, لا يتلاشى او يختفي مهما تقدم بنا الزمن. الكلمة خالدة, الكلمة فكرة, والفكرة لا تموت. لذلك كان شعار الدورة الـ 41 لهذا العام من المعرض “كلمة للعالم”, فليس هناك أقوى من الكلمة يمكن ان تهدى.
يفاجئنا معرض الشارقة للكتاب باختيار ضيوفه من مختلف المجالات. كرسالة بأن للكتابة أثر في كل مجال في العالم. بداية من الطبخ ونهاية بالسينما وغيرها. سوف نقدم لكم ثلاث حوارات مع جواهر حقيقية في مختلف القطاعات مثل, الإعلام, والنشر, والكتابة. إن كنت مهتم بالثقافة والأدب عامة وقطاع النشر خاصة. أعدك بأنك ستخرج من تلك المقالة بجرعة أمل, وستتأكد ان مستقبل الأدب والنشر في ايد امينة.
ثلاث جواهر, ثلاث مجالات, ثلاث اشخاص, ولكن الهدف واحد.
الجوهرة الأولى في مجال الإعلام: محمد الجابري
“هذا الكتاب محاولة مهداة مني لك عزيزي القارئ لاكتشاف نفسك وإبراز مكامن قوتك الحقيقية التي ربما لا تكن جلية لك .. لكنها موجودة .. لقد نجح الإنسان في تحقيق ما لم يجرؤ يومًا على مجرد التفكير فيه.. فسخر الطبيعة لصالحه .. لطَّف الهواءَ.. وبرَّد الماءَ ودفأَه.. وتحكم في الكون بأصبعه من مكانه..” كتب الإعلامي الإماراتي محمد الجابري كتابه لحظة المقتبس عن “البودكاست” الخاص به. والذي يحمل نفس الاسم. “لحظة” هي التجربة الكتابية الأولى ولكنها لاقت نجاح كبير في المملكة العربية السعودية وخارجها.
حين رأيت الإعلامي المتألق بتميزه وإخلاصه في عمله, تذكرت مقولة كانوا يقولوها لنا دائمًا حين كنا صغار “من جد وجد, ومن عمل حصد.”. الإعلامي محمد الجابري, هو في الاصل مهندس ولكن اتبع شغفه وحلمه حتى اصبح من اهم الاعلاميين الشباب. سألنا محمد الجابري عن رأيه في مستقبل قطاع الطباعة والنشر, اجاب انه يرى ان مستقبل ذلك القطاع سوف يستمر على الرغم من الصعاب والتحديات التي يواجهها بسبب الكتاب الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي. اضاف الجابري, ان إقامة معارض كبيرة مثل معرض الشارقة للكتاب وإقبال الناس عليه من مختلف الأعمار فهو دليل قاطع على أن الكتاب الورقي مازال هو المفضل للكثيرين. ولذلك يرى الإعلامي والكاتب محمد الجابري أن الكتاب الورقي لن يندثر ابدًا وسوف يكون في المنصات العليا دائمًا إن شاء الله.
انتقل بعدها الحديث على إذا سيتم استبدال الكتاب الورقي او الكتاب عمومًا إلى وسائل أكثر سهولة في إيصال المعلومة من الكتابة, أجاب محمد الجابري بحب واضح للكتابة أن على الرغم من أن الإعلام المرئي أكثر سهولة, إن كانت البرامج التلفزيونية أو مواقع التواصل الاجتماعي, ولكن لازال الإعلامي يحتاج إلى كاتب يكتب له ذلك المحتوى. وغير ذلك الكثير من المشاهير والإعلاميين يلجأون إلى الكتابة فهذا ان دل يدل على أن الكتابة هي الأساس. أكد ايضًا على أن الاهم من عدد الكتب أو غزارتها هو المحتوى الداخلي للكتاب, وأن يكون قادر على التغيير الإيجابي.
اختتم حوارنا مع المتميز محمد الجابري, عن مستقبل صناعة الكتاب في الشارقة, حيث قال أن الشارقة هي منارة دائمًا للأدباء ودور النشر, وتهتم القيادة بنشر الثقافة ودعمها حيث انهم يعطون الكتاب الاولوية, وذكر ان دليل على ذلك أنه كان هناك تكريم في مسابقة للقراءة يوم الخميس, العاشر من نوفمبر, على مستوى الوطن العربي في الشارقة.
الجوهرة الثانية في مجال النشر: هاني عبدالله
إن كنت قارئ حقيقي, ونهم في البحث عن الجديد من الكتب التي تنقلك إلى عالم الثقافة والأدب في مختلف المجالات, فبالتأكيد قرأت اصدارات دار نشر الرواق. المثير للإعجاب في هذه الدار أنها تنتقي أعمالها بحرص شديد, ولا تنشر من باب أن تشارك بأعمال جديدة في السوق والمعارض فقط, او ان الربح من اولوياتها. دار نشر الرواق تتكفل بتكاليف العمل كاملة, من دون أن يشارك الكاتب بأي مبلغ, ويتم اختيار العمل على أساس تميزه ونضجه الذي يجبر لجنة القراء اختياره دونًا عن غيره من الكتابات.
حين تدخل جناح دار نشر الرواق ستلاحظ التنوع في مجالات إصداراتهم من تاريخ, وادب, وعلم, وترجمة. لذلك دائمًا ما يتردد في ذهني, هل قارئ اليوم متنوع في قراءاته؟ أجابني أ.هاني بأن قراء اليوم ليسوا محدودين في قراءاتهم بل لديهم شغف في القراءة عن مواضيع مختلفة, حتى من الممكن ان يقرأو في علم الفيزياء على سبيل المثال. وتابع قائلًا أن المفتاح هنا هو كيف يتم تقديم تلك الكتب. من حيث الأسلوب الشعري أو الذي يدخل عنصر الإثارة والتشويق في قلوب القراء.
في ظل الأزمات الأخيرة التي مر بها العالم أجمع من الشرق إلى الغرب. بداية من أزمة كورونا إلى الأحداث الأخيرة لهذا العام. تأثرت كل القطاعات بمختلف مجالاتها, ومن ضمنهم قطاع النشر, والذي بالتالي أدى إلى غلاء أسعار الكتب. لذلك تواجه دور النشر صعاب كثيرة حول العالم, ومن الممكن أن يهدد ذلك استمرارية اصدارات الكتب.
هل سوف تفتتح دار نشر الرواق فرع لها في الخارج؟
مع العوائق التي يصادفها الناشرين, وفرت مدينة الشارقة للنشر في المنطقة الحرة كل متطلبات دور النشر بأسعار تنافسية مع إلغاء الضرائب من الخدمات وكل شئ آخر. ذلك جعلني اسأل إن كان هناك خطة لفتح فرع لـ دار نشر الرواق في إمارة الشارقة. اجاب أ. هاني عبدالله بأنه بالفعل يتم التخطيط والدراسة لتلك الخطوة, والمفاجأة السعيدة هي أن الدولة التي تفكر فيها دار نشر الرواق هي دولة الإمارات العربية المتحدة, تحديدًا في إمارة الشارقة.
اختتم ناشر الرواق أن معرض الشارقة للكتاب ذو أهمية عالية جدًا من حيث اللقاء مع الناشرين والجمهور وشراء حقوق الكتب الأجنبية, غير اللقاءات مع المكتبات وتجار الجملة. دار نشر الرواق حريصة دائمًا على الاشتراك في معرض الشارقة للكتاب.
الجوهرة الثالثة في مجال الأدب: احمد مراد
حتى لو كنت لا تحب الروايات والكتب, ولا تعرف اسامي كبار الكتاب, ستعرف من هو احمد مراد حين يُذكر فيلم الفيل الأزرق امامك, ستتذكر مقولة “أنا فُتات إنسان يتظاهر أنه على قيد الحياة وهو ليس كذلك, أنا الذي يتنفس ويأكُل وينَام بقوة الدفع, أنا ساعة بدون عقْرب, أنا يُونس في بطن حُوت كافر لن يَلفظني عند جزيرة..”. ربما لم تقرأ له. ولكن إذا ظهر لك على التلفاز, سوف تستمع إلى ما يقول بإحكام. حتى وإن لم تتفق معه. ستنبهر بما يقول على أي حال. اما عن قرائه, فهو بالنسبة لهم مخرج من الواقع, والروتين, مخرج من كل شئ محدود إلى عالم يجعلك تتسائل.. ماذا لو؟
تفردت بيزنس لينك في حوار مع الكاتب الكبير احمد مراد, والذي لوحظ استضافته بشكل مستمر في معرض الشارقة للكتاب, وإقبال كبير على ندواته من الشباب خصيصًا. تمحورت الأسئلة في جوانب مهمة مثل مستقبل النشر وأهمية معرض الشارقة للكتاب, بجانب أسأله عنه. وقد اوضحت إجابتها جانب جميل جدًا وانساني من شخصية أكثر كاتب مثير للجدل بسبب أبطال رواياته.
بدأ الحديث عن تميز الشارقة في قطاع النشر وانها وصلت لمرحلة متقدمة جدًا في المجالات الإبداعية مثل صناعة الكتاب والاهتمام العالي بقطاع النشر عمومًا. اوضح احمد مراد ان الدفعة التي اعطتها إمارة الشارقة لصناعة الكتاب. واتبع فائلًا انها خلقت عادة سنوية لحضور المعرض ليس فقط لاقتناء الكتب, بل كرحلة ممتعة وشيقة لطلاب المدارس والكبار. في البداية تكون ظاهرة ولكن سيصبح ذلك المعرض عادة عند الكثيرين مستقبلًا.
ما أولويات احمد مراد؟
انتقلنا إلى سؤال آخر, عن إذا سيتم استبدال الكتابة كوسيلة لنقل الحكايات والمعلومة. اجاب احمد مراد, صناعة الكتاب والسينما لن تنتهي ولكن دور العرض هي التي تتغير وتختلف مع مرور الوقت. ولذلك اعتقد بأن الطباعة الورقية ستختلف كثيرًأ لأن بعد غلاء الاسعار اصبح من الصعب على الطلاب والقراء شراء الكتب. فالحكي أو انتقال القصص والمعلومات لن تختفي لأنه في طبيعتنا, فمنذ قديم الأزل كان الإنسان البدائي يروي ما كان يحدث له عن طريق الجدران, إذًا فالكتابة لن تنتهي ولكن تختلف الوصيلة.
اتبعت فضولي وسألت الكاتب المستكشف في ذاته, ما أولوياته. أجاب بإخلاص كاتب لكلمته, أن الحياة رحلة فمن اولوياته هو أن يستمتع بتلك الرحلة. وفي مقدمة تلك الأولويات, انه ليس فقط يريد أن ينتهي القراء من رواياته و يعبروا عن مدى حبهم لتلك الرواية فقط, ولكن ما يطمح له حقًا هو أن يخرج القارئ بقيمة ومعنى حقيقي من كتاباته, تساعد في تغيير ولو شئ بسيط فيه.
وكان ختام ذلك الحوار بـ إهداء كلمة مفعمة بالإنسانية من احمد مراد إلى العالم:
“الحياة قصيرة جدًا, وجودنا في هذا العالم هو شئ فريد من نوعه. ونحن نزول من الدنيا أسرع مما نتخيل. لذلك علينا أن نجعل تلك الفترة, فترة سلام وهدوء واستكشاف. لازم نبص لورا ونتعلم حاجة واحدة بس, انه بناء الحضارات والامبراطوريات, وصراع الإنسان الذي أدى به إلى النتائج التي نحصدها الآن, هو ليس أفضل ما حدث إلى الإنسان. ربما في ازمنة اخرى, ربما في قديم الأزل قبل وجود الكتاب حتى, كان هناك عالم أفضل بكثير, وقائم على اناس تعمر تلك الأرض بشكل مختلف.”
قدمنا لكم ثلاث جواهر مختلفة ولكن يتشاركون في هدف واحد, وهو تقديم محتوى هادف يأثر إيجابًا, ويضيف قيمة ومعنى للمتلقي. إذا كنت تريد أن تعرف المزيد عن مدينة الشارقة للنشر وصناعة الكتاب في الشارقة, اضغط هنا. وإذا احتجت لأي استفسارات اخرى اتصل بنا.